فصل: فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{لا ريب فيه} حسن لانتهاء الاستفهام.
{إلاَّ كفورًا} تام.
{خشية الإنفاق} كاف.
{قتورًا} تام.
{بينات} جائز ومثله {بني إسرائيل} إن نصب {إذ} باذكر مقدرًا أي فاسأل عن قصة بني إسرائيل إذ جاءهم سلى نبيه محمَّدًا بما جرى لموسى مع فرعون وقومه وليس بوقف إن جعل إذ معمولًا لآتينا ويكون قوله فاسأل بني إسرائيل اعتراضًا.
{مسحورًا} كاف.
{بصائر} حسن وقال الدينوري تام أي أنزلها بصائر فبصائر حال من مقدر بناء على أنَّ ما بعد إلاَّ لا يكون معمولًا لما قبلها وقيل ما قبلها يعمل فيما بعدها وإن لم يكن مستثنى ولا مستثنى منه ولا تابعًا له.
{لقد علمت} ليس بوقف على القراءتين في علمت فقد قرأ الجمهور: {علمت} بفتح التاء على خطاب موسى لفرعون وتبكيته في قوله إنه مسحور أي قد علمت إن ما جئت به ليس سحرًا وقرأ الكسائي علمت بضم التاء بإسناد الفعل لضمير موسى أي إني متحقق إن ما جئت به هو منزل من عند الله.
{مثبورًا} كاف و{جميعًا} و{الأرض} و{لفيفًا} كلها وقوف كافية قال السجاوندي ما قبل لفيفًا بيان وعد الآخرة في المآل وما بعده بيان حقيقة القرآن في الحال بأنَّه حق وما جاء به حق.
{وبالحق أنزلناه} حسن للمغايرة بين الحقين فالأول التوحيد والثاني الوعد والوعيد.
{وبالحق نزل} تام للابتداء بالنفي.
{ونذيرًا} كاف إن نصبت {قرآنًا} بفعل مقدر فكأنَّه قال وفرقنا قرآنًا فرقناه وليس بوقف إن نصبته عطفًا على ما قبله ويكون من عطف المفردات أو نصب بفرقناه أو نصب بأرسلناك أي وما أرسلناك إلاَّ مبشرًا ونذيرًا وقرآنًا أي رحمة لهم.
{على مكث} جائز أي تؤدة وتطاول في المدة شيأً بعد شيء.
{تنزيلًا} تام.
{أولا تؤمنوا} حسن ومثله {سجدًا} على استئناف ما بعده وليس بوقف إن عطف على {يخرون}.
{سبحان ربنا} حسن وإن مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة والمعنى أن ما وعد به من إرسال محمَّد صلّى الله عليه وسلّم ونزل القرآن عليه قد فعله وأنجزه فإن بمعنى قد.
{لمفعولًا} كاف.
{يبكون} جائز وهو حال من الضمير في ويخرون فكأنه قال ويخرون للأذقان باكين.
{خشوعًا} تام.
{أو ادعوا الرحمن} حسن. ثم يبتديء {أيًا ما تدعوا} وذلك أن أيًا منصوبة بتدعوا على المفعول به والمضاف إليه محذوف أي أيّ الاسمين وهما لفظ الله والرحمن وتدعوا مجزوم بها فهي عاملة معمولة.
{تدعوا} ليس بوقف لأنَّ ما بعده جواب الشرط.
{الحسنى} كاف.
{ولا تخافت بها} جائز.
{سبيلًا} تام على استئناف ما بعده.
{ولدًا} حسن ومثله الملك وكذا {من الذل}.
آخر السورة تام. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة بني إسرائيل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قد ذكرنا ما في ذُرِّيَّة وذَرِّيَّة وذِرِّيَّة فما مضى من الكتاب.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ونصر بن عاصم وجابر بن يزيد: {لَتُفْسَدُنَّ}، بضم التاء، وفتح السين، وقرأ: {لَتَفْسُدُنَّ}، بفتح التاء، وضم السين والدال- الفعل لهم- عيسى الثقفي.
قال أبو الفتح: إحدى هاتين القراءتين شاهدة للأخرى؛ لأنهم إذا أفسدوا فقد فسدوا.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: {عَبيدًا لنا}.
قال أبو الفتح: أكثر اللغة أن تستعمل العبيد للناس والعباد لله. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وقال تعالى: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُون} وهو كثير، وقال: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ومن أبيات الكتاب:
أتُوعِدُني بقومك يابن حَجْل ** أشاباتٍ يُخَالُون العبادا؟

بما جمَّعْتَ من حضَنٍ وعمرو ** وما حضَنٌ وعمرو والحِيادا؟

أي يُخالون عبيدا، أي مماليك، ويقال: العبادُ قوم من قبائل شتى من العرب، اجتمعوا على النصرانية، فأنفوا أن يسموا العبيد؛ فقالوا: نحن العباد.
ومن ذلك قراءة أبي السمال: {فَحَاسُوا} بالحاء.
قال أبو الفتح: قال أبو زيد، أو غيره: قلت له إنما هو {فَجَاسُوا} فقال: فَحَاسُوا وجَاسُوا واحد، [91ظ]، وهذا يدل على أن بعض القراءة يتخير3 بلا رواية، ولذلك نظائر.
ومن ذلك قراءة أُبيّ بن كعب: {لِنَسُوءًا} بالتنوين.
قال أبو الفتح: لم يذكر أبو حاتم التنوين، لكنه قال: وبلغني أنها في مصحف أُبي: {لِيُسِيءً}، بالياء مضمومة بغير واو. فأما التنوين في: {لنَسُوءًا} فطريق القول عليه أن يكون أراد الفاء فحذفها، كما قال في موضع آخر، أي {فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ} على لفظ الأمر، كما تقول: إذا سألتني فلأعطك، كأنك تأمُرُ نفسَكَ، ومعناه فلأعطينَّك، واللامان بعده للأمر أيضا، وهما: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} {ولِيُتَبِّرُوا}، ويقويّ ذلك أنه لم يأت لإذا جواب فيما بعد، فدل على أن تقديره: {فَلْنَسُوءًا وُجُوهَكُمْ} أي فَلْنَسُوءنَّ وُجُوهَكُمْ.
ومن ذلك قراءة علي بن أبي طالب عليه السلام: {آمَرْنَا} في وزن عَامَرْنا، واختلف عن ابن عباس والحسن وأبي عمرو وأبي العتاهية وقتادة وابن كثير وعاصم والأعرج، وقرأ بها ابن أبي إسحاق وإبو رجاء والثقفي وسلام وعبد الله بن أبي يزيد والكلبي.
وقرأ {أمَّرْنا} مشددة الميم، ابن عباس بخلاف، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية بخلاف، وأبو جعفر محمد بن علي بخلاف والحسن بخلاف، وأبو عمرو بخلاف، والسدي وعاصم بخلاف.
وقرأ: {أَمِرْنا} بكسر الميم، بوزن عَمِرْنا الحسن ويحيى بن يعمر.
قال أبو الفتح: يقال: أَمِرَ القومُ إذا كثروا، وقد أَمَرَهُم الله أي: كثَّرهم، وكان أبو علي يستحسن قول الكسائي في قول الله تعالى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} أي كثيرا، من قول الله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، ومن قولهم: أَمِرَ الشيءُ، إذا كثر، ومنه قولهم: خَيرُ المالِ سكة مأبُورَة، أو مُهْرَةٌ مأمُورة4. فالسكّةُ الطريقة من النخل، ومأبورة أي: ملقحة، ومهرة مأمورة أي: مُكثِرةُ النسل.
وكان يجب أن يقال: مُؤْمَرَة لأنه من آمَرَها الله، لكنه أتبعها قوله: مَأبُورَة، كقولهم: إنه ليأتينا بالغَدَايا والعَشَايا. هذا على قول الجماعة إلا ابن الأعرابي وحده؛ فإنه قال: الغَدَايا جمع غَدِيّة، كما أن العشايا جمع عَشِيّة، ولم يكن يرى أن الغدايا ملحقٌ بقولهم: العَشَايا6، وأنشد شاهدا لذلك:
ألا ليت حظيّ من زيارة أُمِّيَّهْ ** غَدِيّاتُ قيظ أو عشيّاتُ أَشْتِيَهْ

وقد قالوا أيضا: أمَرَها اللهُ مقصورا خفيفا، بوزن عَمَرَها؛ فيكون مأمُورَة على هذا من هذا، ولا تكون ملحقةً بمأبُورَة.
وأما {أَمَرَّنَا مُتْرَفِيهَا} فقد يكون منقولا من أمِرَ القومُ أي: كثُروا. كعلِمَ وعلِمْتُه، وسلِمَ وسلمْتُه.
وقد يكون منقولا من أمَرَ الرجل إذا صار أميرا، وأمَرَ علينا فلان: إذ وَلِيَ، وإن شئت كان {أمَّرْنا} كثرنا، وإن شئت من الأمْرِ والإمارة.
فأما {أمِرْنا} فَعِلْنا، بكسر الميم، فأخبرنا أبو إسحاق وإبراهيم بن أحمد القرميسيني عن أبي بكر محمد بن هارون الروباني عن أبي حاتم قال: قال أبو زيد: يقال: أمِرَ اللهُ مالَه وآمَرَه. قال أبو حاتم: ورَوَوْا عن الحسن أن رجلا من المشركين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرى أمْرَكَ هذا حقيرًا، فقال عليه السلام: إنه سَيَأْمَرُ1 [92و أي ينتشر، قال: وقال أبو عمرو: معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}، أي: أمرناهم بالطاعة، فعصوا، وقال زهير:
والإثمُ من شرِّ ما يصال به ** والبر كالغيث نبتُه أمِرُ

وأنشد أبو زيد، رويناه عنه وعن جماعة غيره:
أمُّ جوارٍ ضنؤها غيرُ أمِرْ ** صهصلقُ الصوتِ بعينها الصبِرْ

وقال لبيد:
إن يُغبَطوا يَهبُطوا وإن أمِرُوا ** يومًا يصيرُوا للْهُلْكِ والنفدِ

ومن بعد فالأمر من أ م ر، وهي مُحَادَّةٌ للفظ ع م ر ومساوقة لمعناها، لأن الكثرة أقرب شيء إلى العمارة، وما أكثر وأظهر هذا المذهب في هذه اللغة! ومن تنبه عليه حظي بأطرف الطريف، وأظرف الظريف.
ومن ذلك قراءة أبي السمال: {أُفُّ} مضمومة غير منونة، وقرأ: {أُفَ} خفيفة- ابن عباس. قال هارون النحوي: ويقرأ: {أَفٌّ} ولو قرئت (أَفًّا) لكان جائزا، ولكن ليس في الكتاب ألف.
قال أبو الفتح: فيها ثماني لغات: أُفِّ، وأُفٍّ، وأُفَّ، وأُفًّا، وأُفُّ، وأُفٌّ، وأُفى، ممال، وهي التي يقول لها العامة: أُفِّي، بالياء، وأُفْ خفيفة ساكنة.
وأما أُفَ خفيفة مفتوحة فقياسها قياس ربَ خفيفة مفتوحة، وكان قياسها إذا خففت أن يسكن آخرها؛ لأنه لم يلتق فيها ساكنان فتحرك، لكنهم بقَّوا الحركة مع التخفيف أمارة ودلالة على أنها قد كانت مثقلة مفتوحة، كما قال: لا أكلمك حِيرِي دهر، فأسكن الياء في موضع النصب في غير ضرورة شعر، لأنه أراد التشديد في حيري دهر، فكما أنه لو أدغم الياء الأولى في الثانية لم تكن إلا ساكنة فكذلك إذا حذف الثانية تخفيفا أقر الأولى على سكونها دلالة وتنبيها على إرادة الإدغام الذي لابد معه من سكون الأولى.
هذا هنا كذاك ثمة، وقد مر بنا مما أريد غير ظاهره، فجعل كأنه هو المراد به- كثير نحو من عشرة أشياء، وفي هذا مع ما نحن عليه من الإنجاز وتنكب الإكثار كاف بإذن الله.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وعروة بن الزبير في جماعة غيرهما: {جَنَاحَ الذِّلِّ}.
قال أبو الفتح: الذِّلِّ في الدابة: ضد الصعوبة، والذُّلِّ للإنسان، وهو ضد العز، وكأنهم اختاروا للفصل بينهما الضمة للإنسان والكسرة للدابة؛ لأن ما يلحق الإنسان أكبر قدرا مما يحلق الدابة، واختاروا الضمة لقوتها للإنسان، والكسرة لضعفها للدابة، ولا تستنكر مثل هذا ولا تنبُ عنه؛ فإنه من عَرَفَ أَنِسَ، ومن جَهِلَ استوحش، وقد مر من هذا ما لا يحصى كثرة.
من ذلك قولهم: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني، فاختاروا البناء للفعل على فَعَل فيما كان لحاسة الذوق؛ لتظهر فيه الواو، وعلى فَعِل في حَلِي يحلَى1 لتظهر الياء والألف، وهما خفيفتان ضعيفتان إلى الواو؛ لأن لو كان حس لكان أشبه حصة الناظر أضعف من حس الذوق بالفم، وقالوا أيضا: جُمامُ المكوك دقيقا وجِمام القدح ماء؛ وذلك لأن الماء لا يصح أن يعلو على رأس القدح كما يعلو الدقيق ونحوه على رأس المكوك؛ فجعلوا الضمة لقوتها فيما يكثر حجمه، والكسرة لضعفها فيما يقل بل يعدم ارتفاعه.
وقالوا: النضح بالحاء غير معجمة للماء السخيف يخف أثره، وقالوا: النضخ بالخاء لما يقوَى أثره فيبُل الثوب ونحوه بللا ظاهرا؛ وذلك لأن الخاء أوفى صوتا من الحاء. ألا ترى إلى غلظ الخاء ورقة الحاء؟ وقد ثبت في كتاب الخصائص من هذا الضرب ونحوه وما جرى مجراه وأحاط به شيء كثير، وقد قال شاعرنا:
وكم من عائبٍ قولا صحيحا ** وآفته من الفهمِ السقيم

ولكن تأخذُ الأذهانُ منه ** على قدرِ القرائحِ والعلومِ

ومن ذلك قراءة الحسن: {خَطَاءً}، بخلاف.
وقرأ: {خَطًا} غير ممدود، والخاء منصوبة خفيفة- الحسن، بخلاف.
وقرأ: {خِطًا}- بكسر الخاء غير ممدود- أبو رجاء والزهري.
وقرأ: {خَطْئًا}- في وزن خَطْعًا- ابن عامر، بخلاف.
قال أبو الفتح: أما {خَطَاءً} فاسم بمعنى المصدر، والمصدر من أخطأت: إخْطاءً، والخطاءُ من أخطأْت كالعطاء من أعطيْتُ، ويقال: خطِيَ يخطأ خِطْئًا وخَطَأً، هذا في الدين، وأخطأت الغرض ونحوه، وقد يتداخلان فيقال: أخطأتُ في الدينِ، وخَطِئْتُ في الرأي ونحوه. قال:
ذرِيني إنما خطئي وصَوْبِي ** علي وإن ما أهلكتُ مال

وقال عبيد:
والناس يلحوْنَ الأميرَ إذا همُ ** خطِئُوا الصوابَ ولا يُلام المرشد

وقال في الدين أمية:
عبادك يخَطَئُون وأنتَ ربٌّ ** بكفَيْكَ المنايا والحُتُوم

وأما {خَطًا} و{خِطًا} فتخفيف خَطْئًا وخِطْئًا على القياس.
ومن ذلك قراءة أبي مسلم4 صاحب الدولة: {فَلا يُسْرِفُ فِي الْقَتْلِ}.
قال أبو الفتح: رفع هذا على لفظ الخبر بمعنى الأمر، كقولهم: يرحمُ الله زيدًا، فهذا لفظ الخبر، ومعناه الدعاء. أي: ليرحَمْهُ اللهُ، ومثله قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} أي: ليتربصْنَ، وإن شئت7 كان معناه دون الأمر، أي ينبغي ألا يسرفَ، وينبغي أن يتربصْنَ، وعليه قولُه:
على الحكم المأتِيّ يوما إذا ** قضى قضيّته ألا يجورَ ويقصِدُ

فرفعه على الاستئناف، ومعناه ينبغي أن يقصد.
ومن ذلك قراءة الجراح: {وَالْبَصَرَ وَالْفَوَادَ}، بفتح الفاء.